شهدت منطقة العقير السعودية في مثل هذه الأيام، وقبل نحو ١٠٤ عام ، أحد أهم الأحداث التي شكّلت علامة فارقة في ترسيم الحدود بين السعودية (نجد في ذلك الحين) والعراق والكويت برعاية بريطانية.
واجتمع في العقير كل من السير بيرسي كوكس والميجور مور المعتمد السياسي البريطاني في الكويت ووزير المواصلات والأشغال العراقي صبيح بك ممثلا عن الملك فيصل الأول وشيخ عشيرة العمارات العراقي فهد الهذال ممثلاً عن بادية العراق والتقوا مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وانصب النقاش حول ترسيم حدود نجد مع العراق.
وبدأ الطرفان بالتشدد في مواقفهم، حيث طلب العراق أن تكون حدوده على بعد 12 ميلا من الرياض، بالمقابل طلب ابن سعود كل مناطق البدو الشمالية من حلب حتى نهر العاصي، وعلى الجانب الأيمن للفرات وحتى البصرة وطالب أيضا بحدود قبلية بدلا من حدود ثابتة، لكن بضغط من كوكس تخلى ابن سعود عن مطلبه في قبائل الظفير والتي تسكن بالقرب من الفرات، ولكنه واصل بالمطالبة على القبائل الأخرى.
كوكس رسم حدود العراق والسعودية
واستمرت النقاشات طوال خمسة أيام أراد الجانب العراقي حدوداً لا تقل عن 200 ميل جنوب الفرات وهو ما حصل على جزء كبير منه ، بينما أراد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أن يتم تحديد الحدود عن طريق الحدود بالنسبة لمنازل القبائل الموالية لكل طرف بدلاً من الترسيم عن طريق الخرائط.
وفي اليوم السادس من اللقاءات رسم “بيرسي كوكس” بالخط الأحمر الحدود على خريطة التي اعتمدت من قبل الأطراف الثلاث وتقرر بناء عليها إنشاء منطقتين محايدتين الأولى بين الكويت والسعودية والثانية بين العراق والسعودية.
نص الاتفاقية
إن هذا البروتوكول لتحديد الحدود بين الحكومتين العراقية والنجدية، هو ملحق للاتفاقية المنعقدة بينهما في اتفاقية المحمرة بتاريخ سبعة رمضان المبارك سنة الألف والثلاثمائة والأربعين، الموافق خمسة من شهر مايو سنة الألف وتسعمائة واثنين وعشرين.
المادة الأولى
أ. الحدود من الشرق تبتدئ من نقطة التصاق وادي العوجة مع الباطن ومن هذه النقطة تبتدئ حدود المملكة النجدية على خط مستقيم إلى بئر المسمى (الوقبة) بترك الدليمية والوقبة شمال هذا الخط ومن الوقبة يمتد شمالاً بغرب إلى بئر أنصاب.
ب. ابتداء من النقطة الآنف ذكرها، أعني نقطة التصاق وادي العوجة مع الباطن تمتد حدود العراق على خط مستقيم شمالاً بغرب إلى الأمغر تاركاً إياها جنوبي هذا الخط، ومن هناك يمتد الخط غرباً بجنوب على خط مستقيم إلى أن يلتصق بحدود نجد في بئر أنصاب.
ج. شكل المعين المنصوب بين النقاط المحدودة آنفاً والذي يحتوي على النقاط جميعاً يبقى على الحياد ومشترك به بين الحكومتين العراقية والنجدية اللذان يحوزان جميع الحقوق المتساوية والمقاصد داخل هذه النقطة المحايدة.
د. من بدء أنصاب تمتد الحدود بين الحكومتين شمالاً بغرب إلى بركة الجميمة ومن هناك تتجه شمالاً إلى بئر العقبة ثم إلى قصر عثيمين، ومن هناك تمتد إلى الغرب على خط مستقيم يمر من وسط جال البطن إلى بئر ليفية وثم بئر المناعية ومنه إلى جديدة عرعر ومنها إلى مكور ومن مكور إلى جبل عنزان الواقع في جوار نقطة تقاطع دائرة العرض اثنين وثلاثين شرقي دائرة الطول تسعة وثلاثين شمالي حيث تتم الحدود العراقية ـ النجدية.
المادة الثانية
بما أن كثيراً من الآبار قد دخلت الحدود العراقية وبقيت الجهة النجدية محرومة منها فعليه تتعهد الحكومة العراقية بأن لا تتعرض لعشائر المملكة النجدية القاطنة على أطراف الحدود إذا اقتضت الأحوال أن يستوردوا الآبار المجاورة لهم في الأراضي العراقية إذا كانت هذه الآبار الموجودة هي أقرب من الآبار داخل الحدود النجدية.
المادة الثالثة
تتعهد الحكومتين كل من قبلها أن لا تستخدم المياه والآبار الموجودة على أطراف الحدود لأي غرض حربي كوضع قلاع عليها وأن لا تعبأ جنوداً في أطرافها.
المادة الرابعة
لقد اتفق مندوبي حكومتي الطرفين على ما تقرر أعلاه في مواد هذا البروتوكول، ويوقعون عليه أدناه في بندر العقير يوم أثني عشر من ربيع الثاني سنة الألف وثلاثمائة وواحد وأربعين هجرية الموافق اثنين ديسمبر لألف وتسعمائة واثنين وعشرين ميلادية، والله الموفق.
تقسيم المنطقة المحايدة
وفي عام 1975، توصلت الحكومتان السعودية والعراقية لاتفاق تقسيم إداري للمنطقة المحايدة بين البلدين والتي انشات بموجب اتفاقية العقير، وكذلك تم توقيع معاهدة حدودية أبرمت ثنائيا في عام 1981 تضمنت تقسيم المنطقة مناصفة بين الدولتين، ولم تدرج هذه المعاهدة لدى الأمم المتحدة وذلك لأسباب غير معلومة، ولم تعلن تفاصيل التغيرات التي طرأت على ترسيم الحدود الجديدة بخرائط تفصيلية.
ومع قرب اندلاع حرب الخليج عام 1991، ألغى العراق كل الاتفاقات المبرمة مع السعودية منذ عام 1968. وردت السعودية بتوثيق جميع الاتفاقيات الحدودية التي تم التفاوض حولها مع العراق في الأمم المتحدة وذلك في شهر يونيو عام 1991، وبالتالي انتهى الوجود القانوني للمنطقة السعودية العراقية المحايدة.
ومعظم الخرائط الرسمية لم تعد تظهر المنطقة المحايدة الماسية الشكل، لكنها ترسم الخط الحدودي يمر تقريباً في وسط المنطقة. على سبيل المثال، أشار المكتب الجغرافي للأمم المتحدة إلى المنطقة على أن لها حدود تقريبية، وليست دقيقة.
اللواء فوزي البرزنجي الذي كلف في عام ١٩٨١ بتفقد الترسيم الحدودي بين العراق والسعودية ضمن لجنة عسكرية وفنية عراقية تضمن جولت في المخافر والأراضي العراقي ضمن ترسيم الحدود ، ينقل عن رئيس المهندسين العراقيين المشرف على ترسيم الحدود بان اتفاق ترسيم الحدود كان بمنتهى الدقة والعدالة ، بحيث لم يذهب متر مربع واحد من الأراضي العراقية إلى أراضي المملكة العربية السعودية والعكس صحيح وإن كل كلام يقال بإن العراق تنازل عن أراضيه للمملكة العربية السعودية هو غير دقيق وغير واقعي .