Site icon مركز بينّة للدراسات

مساحة سرية للتخطيط الاستراتيجي

تهدف ورش العمل المغلقة التي تنظمها “بينة” إلى توفير بيئة سرية وآمنة يلتقي فيها صناع القرار المستقبليون والخبراء المرموقون لمناقشة الملفات الأكثر تعقيدًا التي تواجه العراق في مسار بناء الدولة والمجتمع المدني. تُعقد هذه الورش في أماكن سرية محددة داخل بغداد أو أربيل، ولا يُسمح بالدخول إلا عن طريق دعوات محددة لكل مشارك.
من بين الورش الأخيرة كانت ورشة بعنوان “صياغة رؤية تشاركية لتعزيز دور المرأة في الحياة السياسية”، حيث اجتمعت مجموعة من السياسيات العراقيات الشابات مع أستاذات في العلوم السياسية وخبيرات في منظمات الأمم المتحدة. ناقشت الورشة العقبات القانونية والثقافية التي تواجه تمثيل المرأة في البرلمانات المحلية والمجالس البلدية، واستعرضت بيانات إحصائية توضح تراجع نسبة المقاعد النسوية خلال السنوات الأخيرة. خرجت الورشة بتوصيات متعددة، من بينها تعديل بعض بنود القوانين الانتخابية لتخصيص مقاعد تنفيذية للنساء في المجالس المحلية، وتطوير برامج تدريبية مكثفة للشابات حول الكتابة السياسية والقيادة.
كما نظمت “بينة” ورشة خاصة بعنوان “تطوير آليات المحاسبة والمساءلة في مؤسسات الحكم المحلي”، حضرها رؤساء مجالس بلديات من محافظات متعددة (بغداد، الأنبار، نينوى، البصرة)، مع خبراء في الإدارة العامة وقانون الشفافية. ركّز المشاركون على تحديد معايير شفافة لتوزيع الميزانيات المحلية، ومناقشة سبل إشراك المواطنين في مراقبة المشاريع من خلال لوحات معلومات رقمية تعتمد على البيانات المفتوحة. اقترح المشاركون إنشاء منصة إلكترونية تتيح للمواطنين الاطلاع على العقود الحكومية ومراحل تنفيذ المشاريع، مع توفير خاصية التبليغ الفوري عن أي خروقات محتملة.
عُقدت ورشة ثالثة بعنوان “منهجيات تعزيز الأمن البشري في المناطق المهمشة”، وشارك فيها مختصون في التنمية الاجتماعية وممثلون عن منظمات إغاثية دولية. ناقشت الورشة برامج دعم صغار المزارعين في الجنوب، وتطرقت إلى إمكانية إنشاء صناديق تمويل صغيرة تساعدهم في العودة إلى الزراعة بعد تدهور الأراضي بسبب الجفاف وتلوث المياه. عرض خبراء تقنيات ري حديثة تناسب طبيعة التربة في محافظة المثنى، واستعرضوا تجارب دولية في مجال الزراعة المستدامة. كذلك، قدم ممثلون عن منظمات إنسانية نماذج لإشراك المجتمعات المحلية في صياغة الخطط الأمنية، بما يضمن توجيه الدعم إلى مناطق تحتاج فعلًا إلى إجراءات حماية مدنية.
تتميز هذه الورش بالطابع السري والخصوصي، ما يسمح للجهات الرسمية والخبراء بإبداء آرائهم بصراحة دون خوف من ضغوط حزبية أو تأثيرات جماهيرية. تُوثَّق النقاشات في تقارير داخلية يطلع عليها المشاركون فقط، ثم يصاغ منها مستندات توصيات تُرسل إلى الجهات المعنية: الحكومة، البرلمان، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان.
يسعى القائمون على “بينة” من خلال هذه الورش إلى تحويل المخرجات من أفكار جرافيكية إلى مبادرات تطبيقية على أرض الواقع، عبر متابعة دورية مع الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية، لضمان تطبيق التوصيات وتحقيق الأثر المرجو منها في تعزيز الديمقراطية والحوكمة الرشيدة في العراق.

Exit mobile version