
شبكة مراسلين ونقل نبض الشارع
“عيون بينة” هي شبكة تتكوّن من مراسلين ومتطوعين محليين موزعين في مختلف المحافظات العراقية، تعمل بهدف نقل نبض الشارع بحيادية ومهنية. يمثل كل مراسل مصدرًا موثوقًا للمعلومات المحلية الصغيرة التي قد لا تجد مساحة في وسائل الإعلام الرئيسية، مثل قصص مشاكل البنى التحتية اليومية وقضايا حقوقية صغيرة لا تتجاوز اهتمام المناطقة المجاورة.
في محافظة صلاح الدين، وثّق مراسل تجربة عائلة فقدت منزلها بسبب تشققات أرضية ناجمة عن حفر آبار غير مرخصة. شرح المراسل في تقريره كيف أن تلك التشققات ظهرت فجأة بالقرب من حقل زراعي، وأدت إلى انهيار جزئي في جدران المنزل، ما اضطر العائلة إلى الانتقال مؤقتًا إلى دار أحد الأقارب. أرفق المراسل صورًا للصدوع الأرضية ونقل عن الأهالي شكواهم المتعلقة بعدم استجابة الدوائر الرسمية لإشعاراتهم.
في العاصمة بغداد، قدمت مراسلة تقريرًا عن حالة تلوث الهواء الناتج عن حرق النفايات في إحدى المناطق القريبة من مركز المدينة. التقت المراسلة بسكان يعانون من أمراض تنفسية، وأظهرت لقطات مصورة للأكوام المتراكمة من القمامة في الأزقة الخلفية، مع تصريحات طبيب محلي أكد ارتفاع حالات الربو بنحو 25% خلال العام الماضي في الحي نفسه. نُشرت هذه المادة في شكل نصي مصحوب بصور قصيرة عبر صفحة “عيون بينة” على فيسبوك، وتداولها ناشطون أثاروا القضية أمام بلدية المنطقة.
في إقليم كردستان، وثّق مراسل “عيون بينة” تجربة نازحين سوريين يعيشون في مخيمات قريبة من دهوك. نقل المراسل شهاداتهم عن رغبتهم في العمل والتعلم، وكيف يواجهون صعوبات في الحصول على تصاريح العمل الرسمية. تضمن التقرير مقابلات مع مسؤولين محليين أفادوا بصعوبة التنسيق مع أرباب العمل لتنظيم فرص عمل مع مراعاة القوانين العراقية. شدّد التقرير على أهمية خلق فرص تعليمية للمراهقين من النازحين، خاصة في مجالات التكنولوجيا والحرف اليدوية، لمساعدتهم في تخفيف ضغط البطالة.
يهدف “عيون بينة” إلى بناء قاعدة بيانات صحفية توثّق قضايا المجتمع المدني يومًا بيوم، وتزويد متابعي “بينة” بقصص حقيقية تجري في الشارع بعيدًا عن المضامين الدعائية أو الموجهة سياسيًّا. يستخدم المراسلون هواتفهم المحمولة وكاميرات بسيطة لتصوير مقاطع قصيرة أو التقاط صور فورية، ثم يرسلون المواد إلى فريق التحرير في بغداد الذي يقوم بتحريرها ونشرها ضمن مقاطع صوتية أو تقارير مكتوبة.
تساهم شبكة “عيون بينة” في منح صوت للفئات المهمشة التي لا تجد من يمثلها إعلاميًا؛ فمثلاً، قامت مراسلة في محافظة ميسان بتسليط الضوء على ظروف العاملات في حقول الرز اللاتي يعانين من ساعات عمل طويلة مقابل أجر زهيد، بينما ناشدت مسؤولة زراعية حكومية بضرورة تطبيق قوانين حدّ أدنى للأجور في القطاع الزراعي. نشر هذا التقرير ضغوطًا كبيرة على الإدارة المحلية التي بدأت في إصدار تصاريح جديدة أسهمت في تحسين ظروف العاملات بشكل جزئي.
من خلال هذه الشبكة، تضمن “بينة” نقل الحقيقة بعيدًا عن التشويش السياسي والإعلامي، وتمنح صوتًا للفئات الضعيفة كي يعبروا عن همومهم مباشرةً دون وسيط. يعتمد عمل المراسلين على مبادئ النزاهة المهنية والحيادية، ويتلقون تدريبات دورية في كيفية كتابة التقارير الصحفية وتوثيق الأحداث بصور، ما يجعل “عيون بينة” مصدرًا موثوقًا لأي جهة بحثية أو إعلامية تبحث عن القصص الميدانية الأصيلة.