
رواية الواقع بصريًّا
تسعى “بينة” عبر مقاطعها المرئية إلى نقل صورة حقيقية وحية عن الأوضاع الاجتماعية والحقوقية في مختلف المدن العراقية، مثل بغداد وكركوك والبصرة وأربيل. تعتمد هذه المقاطع على التصوير الميداني والسرد القصصي المباشر، مع التركيز على الوضوح والمصداقية، وتقدَّم عادة بصيغة موجزة لا تتجاوز عشر دقائق، لتمكين الجمهور من استيعاب الرسالة بسرعة ودون ملل.
أطلقت “بينة” سلسلة تحت عنوان “مبتكرون عراقيون يبنون السلام”، وتركّزت على استعراض تجارب شبابية في المناطق الريفية والحضرية أسست مشاريع مجتمعية صغيرة. مثلاً، وثّقت الحلقة الأولى شابًا من نينوى أنشأ ورشة حرفية لتأهيل المصابين جراء النزاعات السابقة، حيث يُدرَّب المشاركون على صناعة الأواني الفخارية التقليدية وبيعها في أسواق محلية في كركوك والموصل. جاءت هذه المبادرة بعد مشاورات مع منظمات غير حكومية مهتمة بإعادة تأهيل الناجين نفسيًّا واجتماعيًّا، ما ساهم في توفير دخل ثابت لهم واستعادة ثقتهم بأنفسهم.
سلسلة أخرى حملت عنوان “مؤسسات إنسانية تبني التعايش”، وتم تصويرها في محافظات تعافت من نزاعات سابقة، مثل صلاح الدين والأنبار. أظهر التقرير كيف ساعدت بعض المنظمات المحلية والدولية في توفير الخدمات الأساسية للمتضررين: رعاية صحية نفسية، تعليم لأطفال نازحين، ودورات تدريب حرفية. ركّز العمل على لقطات مباشرة للمراكز التي يقدم فيها الأهالي شهاداتهم: عائلة من ناحية تقول إن أطفالهم تعلموا القراءة والكتابة بعد شهور من النزوح، فيما شرح مسؤول في منظمة إنسانية كيفية إيصال الدعم إلى المناطق النائية بصعوبة البنية التحتية.
بالإضافة إلى ذلك، أنتجت “بينة” سلسلة وثائقية قصيرة عن “التحديات البيئية وأثرها على المجتمع”، حيث تم تصوير شهادات مزارعين في محافظة المثنى والحويجة، تحدثوا عن تراجع محصول القمح بسبب الجفاف طويل الأمد. استضاف التقرير أيضًا خبراء بيئيين من جامعة البصرة، شرحوا تأثير تلوث المياه الصناعية على صحة السكان، وعرضوا حلولًا مستدامة مبنية على تقنيات محلية، كإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بعد معالجتها جزئيًّا لري الحقول.
يعمل فريق الإنتاج المرئي على تكييف السيناريو بحيث يكون مفهومًا للجمهور العراقي، مع توفير ترجمات باللغة الكردية والسريانية في بعض المقاطع لضمان وصول الرسالة إلى أقصى شرائح المجتمع. بعد إنتاج كل مقطع، تُعقد جلسات عرض في المقاهي الثقافية والمراكز الشبابية المحلية، حيث يلتقي صناع المحتوى بالمشاهدين لمناقشة الموضوعات المعروضة، وتكون فرصة لتلقي الملاحظات وتحسين المراحل اللاحقة من التصوير والإنتاج.
تُنشر المقاطع النهائية عبر قنوات “بينة” الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي: يوتيوب، فيسبوك، وإنستغرام، كما تُوزّع ضمن فعاليات جماعية تضم لقاءات مباشرة مع المخرجين والمشاركين، ما يعزز عنصر التفاعل ويخلق مساحة للرد على ملاحظات الجمهور بشكل حيّ. يهدف هذا الأسلوب التفاعلي إلى بناء جسور تواصل بين صُنّاع المحتوى والمشاهدين، ما يضمن وصول الرسالة إلى أوسع قاعدة ممكنة من العراقيين الباحثين عن فضاء بصري صادق وموثوق.